"هاربون من الجحيم".. معاناة اللاجئين الأفغان بين الترحيل القسري والعودة للمجهول
"هاربون من الجحيم".. معاناة اللاجئين الأفغان بين الترحيل القسري والعودة للمجهول
في عمق التجربة الإنسانية للهجرة، لا يمكن اختزال الكلمة في مجرد انتقالٍ من وطن إلى آخر، بل هي ندبةٌ مفتوحة على جسد كل أفغاني خاض طريق المنافي، أو نجا بروحه من وطن تمزقه الحروب، وتنهشه أنظمة القمع والطغيان، فالهجرة ليست خيارًا لدى هؤلاء، بل نجاة.
وفي كل مرة تشتعل فيها الحروب في سوريا، أو تقصف أوكرانيا، أو تُحاصر غزة، أو يُعتقل المعارضون في إيران ولبنان، تنكمش قلوب الأفغان، لأن الألم نفسه يسكن وجدانهم، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الثلاثاء.
ولدى معظم الأسر الأفغانية قصة نفي واحدة على الأقل، قليلون هم الذين لم يضطروا للهروب، أو لم يذوقوا مرارة العيش في المخيمات، أو لم يتعرضوا للإذلال على حدود مغلقة.
معاملة قاسية في بلدان الجوار
على حدود إيران، وباكستان، وطاجيكستان، تسود مشاهد تُصادر أبسط مظاهر الإنسانية، طرد دون إنذار، إهانات جماعية، احتجاز عشوائي، وتغييب قسري.
وفي شهادة صادمة، قالت الناشطة الأفغانية وأخصائية علم النفس، يلدا أحمد، إن "الانتهاكات ضد اللاجئين الأفغان في إيران لم تبدأ اليوم، بل هي سياسة ممنهجة بدأت منذ سنوات، حيث يُحرم الأطفال من التعليم، ويُجبرون على العمل الشاق، وتُرفض طلبات الإقامة، بينما يُرحّل الآلاف قسرًا إلى المجهول".
وأكدت يلدا أن طهران، التي طالما استغلت ملف اللاجئين كورقة سياسية، صعّدت من قمعها للمهاجرين مؤخرًا بعد سلسلة الهجمات الإسرائيلية، و"مع توتر الداخل الإيراني وتفاقم الضغط الشعبي، استثمر النظام موجة الكراهية تجاه اللاجئين لصرف الأنظار عن أزماته"، تضيف يلدا، مشيرة إلى أن المهاجرين باتوا "كبش فداء" في معادلات سياسية لا ترحم.
الحياة في الظل
وبينما تستمر السلطات الإيرانية في الترحيل، يتوارى آلاف اللاجئين المطرودين في الداخل الأفغاني، هاربين من بطش طالبان، ومُجبرين على العيش بأسماء مستعارة وهوية غائبة عن أي سجل مدني، لا مدارس، لا خدمات، ولا صوت لهم، فقط خوف دائم، وصمت يشبه الموت.
واختتمت يلدا رسالتها بنداء مشترك لكل من الشعبين الإيراني والأفغاني: "لن تنال أي أمة حريتها دون أن تسمي عدوها، العدالة لا تُنال في ظل الطغاة. علينا أن نوحد نضالنا، لا أن نتفرق بالعنصرية والكراهية.. إن مسؤولية التغيير تبدأ من الوعي".
وسط هذا المشهد المأساوي، ترتفع نداءات منظمات حقوق الإنسان، مطالبة بوقف الترحيل القسري، وفتح ملفات الانتهاكات بحق اللاجئين الأفغان، خاصةً في إيران.